يعتبر الامتحان المهني محطة مهمة في المسار المهني للأستاذ في المغرب، لأنه يسمح بالترقي في الدرجة، ويقيس الكفايات التربوية والمعرفية التي يحتاجها الأستاذ داخل القسم وخارجه.
ولأن عددًا كبيرًا من الأساتذة يجدون صعوبة في التحضير المنهجي لهذا الامتحان، نقدم في هذا المقال دليلاً عمليًا مبسطًا ومنظمًا يساعدك على فهم طبيعة الامتحان وكيفية الاستعداد له من البداية حتى يوم الاختبار.
هذا الدليل مناسب لكل الأسلاك: الابتدائي، الإعدادي، والثانوي.
1. ما هو الامتحان المهني؟
الامتحان المهني هو اختبار تنظمه وزارة التربية الوطنية كل سنة، ويستهدف تقييم أداء المدرسين وكفاياتهم في مجالات التخطيط، التدريس، التدبير، والتقويم.
ويتكون عادة من شقين أساسيين:
- الشق الأول (المعرفة المهنية): أسئلة تتعلق بعلوم التربية، التوجيهات التربوية، المقاربات البيداغوجية، وحياة القسم.
- الشق الثاني (الوضعية المهنية): تحليل حالة واقعية من القسم أو المؤسسة واقتراح حلول تربوية مناسبة.
ما يجعل الامتحان مميزًا هو أنه لا يعتمد على الحفظ، بل على الفهم العملي لكيفية التعامل مع المواقف الصفية والإدارية.
2. كيف تفهم طبيعة الأسئلة في الامتحان المهني؟
من خلال تحليل الامتحانات السابقة، يمكن ملاحظة أن الأسئلة تأتي غالبًا على شكل:
- مشكل تربوي داخل القسم (تفاوت، صعوبات تعلم، غياب المتعلمين…).
- وضعية تتعلق بالتواصل مع الإدارة أو الآباء.
- موقف يطلب منك التخطيط لحصة أو مشروع.
- حالة تقويمية تستوجب اقتراح حلول أو إجراءات.
هنا يجب على الأستاذ أن يربط بين النظرية (المرجعيات المغربية) والممارسة (ما يقع فعلاً داخل القسم).
3. أهم المراجع التي يجب الاعتماد عليها
التحضير للامتحان المهني لا يعني حفظ الكتب، بل فهم الوثائق الرسمية المغربية، ومن أهمها:
- الميثاق الوطني للتربية والتكوين
- الرؤية الاستراتيجية 2015-2030
- القانون الإطار 51.17
- خارطة الطريق 2022-2026
- التوجيهات التربوية الخاصة بالمادة
- دلائل الأستاذ
هذه المرجعيات تحتوي على إجابات مباشرة عن أغلب الأسئلة التي يطرحها الامتحان المهني، خصوصًا تلك المتعلقة بالتقويم، الدعم، التعلمات الأساس، وتدبير القسم.
4. منهجية التحضير الذكية للامتحان المهني
التحضير الناجح يعتمد على خطة واضحة تمتد من بداية شتنبر إلى يوم الامتحان.
إليك خطة عملية مجربة:
أولاً: فهم الإطار العام
اقرأ بتأنٍّ المرجعيات الكبرى، ولاحظ الكلمات المفتاحية المتكررة مثل “التقويم التكويني”، “الدعم”، “الكفايات”، “المشروع التربوي”، “التعلمات الأساس”، “الجودة”.
ثانياً: دراسة الامتحانات السابقة
حاول حلّ ثلاثة امتحانات على الأقل.
ستلاحظ أن بعض الأسئلة تتكرر بتغييرات بسيطة، خصوصًا في الوضعيات المهنية.
ثالثاً: التدريب على تحليل الوضعيات
عندما تقرأ وضعية مهنية، اطرح على نفسك الأسئلة التالية:
- ما المشكل؟
- ما الأسباب المحتملة؟
- ما الإجراءات التربوية الممكنة؟
- ما دور التقويم في حل الوضعية؟
- كيف يمكن تجنب المشكل مستقبلاً؟
رابعاً: مراجعة ديداكتيك المادة
كل مادة لها ديداكتيك خاص بها.
مثلاً:
في العربية: مهارات القراءة، التعبير، التعامل مع النصوص.
في الرياضيات: الوضعيات الإدماجية، الأخطاء الشائعة.
في العلوم: التجريب، الفرضيات.
5. نموذج تطبيقي لوضعية مهنية مع الحل
الوضعية:
في إحدى الحصص، لاحظت أن مجموعة من التلاميذ لا يستطيعون إنجاز تمرين بسيط رغم شرحه.
كما أن مستوى التركيز لدى المتعلمين ضعيف، والفروق الفردية كبيرة داخل المجموعة.
التحليل:
- وجود تعثرات سابقة غير معالجة.
- ضعف في التعلمات الأساس.
- غياب التحفيز والدافعية.
- عدم تنويع طرق التدريس.
الإجراءات الممكنة:
- تشخيص التعثرات عبر اختبار بسيط.
- تنظيم مجموعات دعم لفائدة المتعثرين.
- اعتماد طرق نشيطة تعتمد على المشاركة.
- استعمال تمارين متنوعة تراعي الفروق الفردية.
- التدرج في التعلم من السهل نحو الأصعب.
خاتمة الوضعية:
أي وضعية مهنية يجب التعامل معها بمنطق “تشخيص – تدخل – تقويم”، وهي البنية التي تعتمدها الوزارة في كل الوثائق الرسمية.
6. نصائح عملية ليوم الامتحان
- اقرأ السؤال ثلاث مرات قبل الإجابة.
- اكتب مقدمة قصيرة تُظهر فهمك للسياق.
- قسم الإجابة إلى فقرات واضحة.
- استعمل أمثلة واقعية من القسم.
- لا تكتب كثيرًا… اكتب ما هو مهم فقط.
- راجع ورقتك قبل التسليم.
7. خاتمة
الامتحان المهني ليس صعبًا، لكنه يحتاج إلى فهم جيد للوثائق الرسمية وقدرة على تحليل الوضعيات وإيجاد حلول عملية.
كلما كان الأستاذ متحكمًا في ممارسته داخل القسم، كان أكثر استعدادًا للامتحان.
والمهم هو أن تجعل التحضير له فرصة لتطوير ذاتك، لا مجرد بحث عن ترقية.
